تُعرَّف اضطرابات الطلاقة (Fluency Disorders) بأنها صعوبات تؤثر في الإيقاع الطبيعي للكلام (speech rhythm) وتمنع تدفقه السلس (speech flow). وتظهر هذه الصعوبات على شكل تكرارات (repetitions)، إطالات (prolongations)، أو توقفات مفاجئة (blocks). تُعتبر التأتأة (Stuttering) الشكل الأكثر شيوعًا من اضطرابات الطلاقة، بينما يظهر شكل آخر يُعرف بالتلعثم السريع أو Cluttering، الذي يتميز بسرعة الكلام المفرطة (rapid speech rate) وحذف المقاطع والكلمات، مما يقلل من وضوح الكلام (speech intelligibility) ويجعل التواصل تحديًا (ASHA, 2021).
تعود أسباب التأتأة إلى مجموعة من العوامل المتداخلة. فقد أظهرت الدراسات أن العوامل الوراثية (genetic factors) والعصبية (neurophysiological factors) تلعب دورًا رئيسيًا، حيث كشفت فحوص التصوير العصبي (fMRI) عن اختلافات في نشاط الدماغ بين الأشخاص الذين يعانون من التأتأة وأولئك الذين يتمتعون بطلاقة طبيعية (Chang et al., 2019). كما يمكن أن تسهم العوامل البيئية والنفسية مثل الضغوط الاجتماعية أو أساليب التربية الصارمة في زيادة حدة الأعراض أو استمرارها لفترة أطول.
تظهر التأتأة عادة بين عمر سنتين وخمس سنوات، وتتميز بتكرارات الأصوات والمقاطع (sound and syllable repetitions) مثل "كـ.. كـ.. كتاب"، وبالإطالات (prolongations) كما في "ســــلام"، بالإضافة إلى التوقفات المفاجئة (blocks) في بداية أو منتصف الكلمة. في المقابل، يتسم Cluttering بسرعة الكلام المفرطة وعدم وضوح البنية اللغوية، حيث يميل الطفل أو البالغ إلى إسقاط المقاطع (omissions) أو دمج الكلمات بطريقة تؤدي إلى ضعف الفهم. هذه الأعراض مجتمعة تؤثر على وضوح الكلام (speech clarity) وعلى التكيف الاجتماعي والأكاديمي.
يعد التقييم (assessment) خطوة محورية يقوم بها أخصائي النطق واللغة (Speech and Language Pathologist, SLP). يبدأ التقييم بجمع تاريخ الحالة (case history) من الأهل أو المريض، ثم تحليل عينة كلام (speech sample analysis) لتحديد عدد وأنواع التوقفات. يتم أيضًا فحص المواقف التي تزداد فيها التأتأة مثل القراءة الجهرية أو المحادثة الحرة. وتُستخدم أدوات معيارية مثل مقياس شدة التأتأة (Stuttering Severity Instrument, SSI-4) لتحديد درجة الاضطراب بشكل موضوعي ودقيق (ASHA, 2021).
أما العلاج (intervention) فيختلف حسب عمر المريض وشدة الحالة. بالنسبة للأطفال، غالبًا ما يتم الاعتماد على أساليب غير مباشرة (indirect therapy) مثل برنامج ليدكومب (Lidcombe Program) الذي يركز على تعديل بيئة الطفل وتعزيز الكلام السلس عبر التغذية الراجعة الإيجابية من الوالدين (Onslow et al., 2020). أما المراهقون والبالغون فيستفيدون من الأساليب المباشرة (direct therapy) مثل تقنيات تشكيل الطلاقة (fluency shaping) التي تعيد تدريب أنماط التنفس والإيقاع، أو تقنيات تعديل التأتأة (stuttering modification) التي تساعد على تقليل التوتر والتحكم في التوقفات. كما يمكن أن يشمل العلاج جلسات إرشاد نفسي (counseling) للحد من القلق الاجتماعي وتعزيز الثقة بالنفس.
في الختام، تُعد اضطرابات الطلاقة، خصوصًا التأتأة، أكثر من مجرد صعوبة في الكلام؛ فهي حالة متعددة الأبعاد تشمل عوامل عصبية، لغوية، ونفسية. التدخل المبكر والشامل بقيادة أخصائي النطق واللغة، مع دعم الأسرة والبيئة التعليمية، يلعب دورًا أساسيًا في تحسين الطلاقة وتعزيز مهارات التواصل، مما ينعكس إيجابًا على جودة حياة الأفراد (Sell et al., 2018).
المراجع:
Chang, S. E., Garnett, E. O., Etchell, A. C., & Chow, H. M. (2019). Functional and neuroanatomical bases of developmental stuttering: Current insights. The Neuroscientist, 25(6), 566–582.
Onslow, M., Packman, A., & Harrison, E. (2020). The Lidcombe Program of Early Stuttering Intervention: A Clinician’s Guide. 2nd ed. Pro-Ed.
Sell, D., Pereira, V., & Albery, L. (2018). Speech outcomes in cleft palate: a systematic review. Cleft Palate-Craniofacial Journal, 55(3), 342–355.