في أوائل القرن العشرين، وضع الطبيب الألماني كوربينيان برودمان خريطة قشرية للدماغ البشري، تقسمه إلى 52 منطقة استنادًا إلى البنية الخلوية لكل منطقة. وقد أُطلق على هذه التقسيمات اسم "مناطق برودمان". ولاحقًا، رُبط العديد من هذه المناطق بوظائف معرفية محددة، خاصةً اللغة.
BA 44 و 45 (منطقة بروكا – Broca’s Area)
تقع في الفص الجبهي الأيسر، وتعد مسؤولة عن التخطيط الحركي للكلام وبناء الجملة. خلل في هذه المنطقة يؤدي إلى حبسة بروكا، وهي صعوبة في إنتاج الكلام مع بقاء الفهم نسبيًا سليمًا.
BA 22 (منطقة فيرنيك– Wernicke’s Area)
توجد في الفص الصدغي الأيسر، وترتبط بفهم اللغة المنطوقة والمكتوبة. الإصابة بها تسبب حبسة فيرنيك حيث يفقد الفرد القدرة على فهم الكلام رغم الطلاقة اللفظية.
BA 39 و 40 (الوصلة الصدغية الجدارية – Angular و Supramarginal gyri)
تلعب دورًا في القراءة، وفهم اللغة المجردة، والربط بين الرموز والمعاني. كما أنها أساسية في الكتابة والتمييز بين الأصوات.
BA 6 و 9 و 10 (الفص الجبهي الأمامي)
تدعم وظائف معرفية تنفيذية ضرورية مثل تنظيم اللغة، الانتباه، واسترجاع الكلمات، وتشكيل الاستجابات اللفظية الملائمة.
BA 41 و 42 (القشرة السمعية الأولية والثانوية)
تستقبل المعلومات السمعية الأولية وتُسهم في تحليل الأصوات وتحديدها ككلمات ذات معنى.
فكل تفاعل لغوي يتضمن شبكة من المناطق التي تعمل بتناغم: مثلًا، عند سماع جملة، تنشط القشرة السمعية (BA 41/42) لفهم الأصوات، ثم تنتقل المعلومات إلى منطقة ويرنيك لفهم المعنى، ومن ثم إلى منطقة بروكا لإعداد الرد اللفظي، والذي يُرسل للقشرة الحركية للنطق.
تُظهر خريطة برودمان كيف أن اللغة ليست وظيفة واحدة تُعزى لمنطقة محددة، بل منظومة متكاملة من العمليات المعرفية التي تعتمد على تفاعل مناطق دماغية متعددة. فهم هذا التوزيع العصبي لا يساعد فقط في علاج اضطرابات اللغة، بل يثري أيضًا تصورنا للدماغ البشري بوصفه مركزًا معقدًا للمعرفة والتواصل.
المراجع:
Brodmann, K. (1909). Vergleichende Lokalisationslehre der Großhirnrinde. Leipzig: Barth